منظمة جسر الشباب للتنمية
16 February 2023إشاعة الأمل بين الشباب الايزيدي في قضاء سنجار في العراق
بعد نجاتهما من الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش بحق القوميّة الايزيدية في عام 2014، أسس فرحان علي وزوجته غزالة شفان منظمة جسر الشباب للتنمية، وهي منظمة غير حكومية معنيّة بتنظيم أنشطة إعادة التأهيل وبناء السلام للشباب والأطفال.

عندما شنّ تنظيم داعش هجومه على قريتهما في عام 2014، فرّ آلاف الأيزيديين إلى جبال سنجار، ومن بينهم مؤسس منظمة جسر الشباب للتنمية ومديرها العام فرحان علي، وزوجته غزالة شفان.
قال علي، "لقد أمضينا 10 أيام في الجبل. بالكاد كانت مياه الشرب متوفّرة. لقد نجونا من الموت باعتمادنا على أكل أوراق الأشجار."
خرج فرحان علي وغزالة شفان من الإبادة الجماعية من دون أن يُصابا بأذى، على عكس آلاف الأيزيديين الذين قُتلوا وآلاف النساء والفتيات اللواتي استخدمهنَ داعش كجواري. إلاّ أن الصدمة النفسية الكبيرة التي ولّدتها هذه الفترة لا تزال تطاردهما. فقد تفككت العائلة بسبب الإبادة الجماعية. ففي حين غادر العديد من أفرادها بحثاً عن حياة جديدة في الخارج، بقي آخرون شأنهم شأن آلاف النازحين الأيزيديين المقيمين حتى اليوم في مخيمات مؤقتة معتمدين على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
المساعدة الطارئة للناجين من الإبادة الجماعية
كان علي لا يزال طالبًا جامعيًا عندما بدأ بالتطوّع، إلى جانب آخرين، في تقديم المساعدة الطارئة للنازحين. أسّسوا منظمة جسر الشباب للتنمية في عام 2015 وهي منظمة معنية بإطلاق أنشطة التأهيل وبناء السلام للشباب والأطفال. "لقد أسر داعش أصدقاءً لي. رأيت أن أفضل ما يمكن فعله لمساعدتهم يكمن في مساعدة مجتمعنا."
باتت منظمة جسر الشباب للتنمية بعد مرور ثماني سنوات على الإبادة الجماعية إحدى المنظمات المجتمعية القليلة في المنطقة التي توفر أنشطة التماسك الاجتماعي والتي تبعث بالأمل بمستقبل أفضل بين الشباب في شمال العراق.
خلال السنوات الثلاث الماضية وحدها، نفّذت المنظمة 30 مشروعاً. فنجحت في ترميم ست مدارس في منطقة سنجار تمهيداً لعودة الطلاب إليها. كما تُدير المنظمة أنشطة شبابية ونوادي رياضية، وتعمل أيضاً على نشر الوعي بين الشباب والنساء بحقوقهم. إذ "لا يمكن للمرء المطالبة بحقّة إن لم يكن مدركاً له،" بحسب قول علي.
قادت منظمة جسر الشباب للتنمية، إضافة إلى ذلك، حملة مناصرة لإقناع المجتمع الايزيدي المحافظ بقبول النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب وللاعتداء الجنسي في المجتمع. فقد حثّ أحد أبرز الزعماء الدينيين الإيزيديين في خطاب ألقاه مؤخراً الناس على الاعتراف بأن النساء تعرضن للاستغلال الجنسي بشكل خارج عن إرادتهن من قبل داعش، بحسب علي، الذي أشار إلى ذلك باعتباره أحد أكبر الإنجازات التي حققتها المنظمة.
إن هذه الإنجازات مثيرة للإعجاب، خاصة في ظل الوضع الأمني الهش الذي تتكرر فيه التفجيرات والاغتيالات التي تطال الناشطين، في الوقت الذي تواصل فيه مختلف القوى معركتها للسيطرة على هذه المنطقة. كما تحدث علي عن شعوره المستمر بالضغط الذي يتسبب به انخراطه وانخراط زوجته في العمل الإنساني. فهما في حال من التنقل الدائم، ونادراً ما يقضيان الليل في المنزل نفسه.
منحة المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية لتطوير قدرات فريق العمل
استهلت المنظمة عملها على أساس تطوّعي في البداية، وتلقّت في السنوات الأخيرة منحاً عدة قصيرة الأجل. تساعد المنحة التي قدّمتها المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية المنظمة اليوم على تطوير قدرات فريق العمل ليتمكّن من توفير استجابة أفضل لاحتياجات المجتمع.
تنظّم المنظمة غير الحكومية في إطار أنشطتها حلقات عمل مع الشباب والنساء وقادة المجتمعات المحلية والناشطين والصحفيين بهدف تعزيز فهمهم للتحديات التي يواجهونها واعتماد مقاربة تشاركية قائمة على المعلومات في تقديم المساعدات في المستقبل. ستُصدر المنظمة تقريراً يتضمن توصيات تستهدف السياسيين المحليين ورجال الأعمال والعسكريين المتقاعدين الذين يعملون في مجال بناء السلام.
قال علي إن المنظمة نجحت على مر السنين في بناء علاقات جيدة مع أطراف النزاع كافة.
وأضاف، "إننا نعمل على الحفاظ على استقلاليتنا. لا يمكن لأحد أن يمنعنا من الاستمرار في عملنا. يعني ذلك أن الأطراف المختلفة قد لمست قيمة ما نقوم به. إننا نقدم الرعاية للمحتاجين، كما نعمل على منح الشباب المستقبل – من خلال أنشطة إعادة التأهيل والتدريب والتمكين والشعور بالأمل. إن منظمة جسر الشباب بمثابة مدرسة بالنسبة لهم."
يُعتبر علي المؤسس الوحيد لمنظمة جسر الشباب للتنمية الذي لا يزال يعيش في سنجار؛ أما المؤسسين المشاركين الآخرين فباتوا في الخارج.
شرح علي قائلا، "لقد تعهّدت بالبقاء. أذكر جيداً أن ممتلكاتي جميعها كانت تسع في حقيبة ظهر عادية. لم يكن لدينا المال ولا سيارة للتنقل من مكان إلى آخر. أما اليوم فنخطط لمستقبل جسر الشباب على المدى البعيد. لقد قطعنا شوطاً طويلاً."
يدرك فرحان علي جيداً أن الطريق أمام الايزيديين طويل. "لطالما حُرم الأيزيديون من حقوقهم. لقد فقدنا 80 في المائة من أراضينا منذ تأسيس العراق (الحديث). إننا بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي لنا. إننا بحاجة إلى مزيد من الفرص للالتحاق بالبرامج التعليمية والتدريبية."
كما أعرب فرحان علي عن شعوره بالفرح لنجاحه ونجاح زملائه من خلال أنشطة المنظمة في سد هذه الهوة ومساعدة الأيزيديين من الشباب في الوصول إلى التعليم.
إن الآراء المُعبّر عنها في هذا المقال تعكس آراء المستفيد من المنحة المذكورة ولا تمثّل بالضرورة الرأي الرسمي للمؤسسة الأوروبية من أجل ديمقراطية أو المفوضية الأوروبية أو أي دولة أوروبية أخرى أو أي مساهم آخر في المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية.