EED10 Years Supporting Democracy

#FirstPersonStories

Apply for support
Back to #FirstPersonStories

سلام عمر وكركوك ناو

16 November 2022

نقل الأخبار من الأراضي العراقية المتنازع عليها

على مدى السنوات العشر الماضية، قدّم موقع كركوك ناو أخبارًا مستقلة وعالية الجودة من شمالي العراق وواصل نقل الأخبار حتى عندما كانت المنطقة تحت سيطرة داعش.

سلام عمر وكركوك ناو

يقول سلام عمر، مدير تحرير موقع KirkukNow "هدفنا الرئيسي هو تزويد المجتمع المحلي بالمعلومات نفسها بغض النظر عن إثنية الأفراد. فنحن نترجم كل المواد إلى العربية والكردية والتركمانية وننشر باللغة الإنكليزية لنطال من هم في الخارج ومهتمّين بأخبار المنطقة."

يعمل كركوك ناو في إحدى أكثر المناطق تعقيدًا في العراق، التي تشمل أجزاء من محافظات كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين شمال العراق، وهي منطقة تضم بشكل أساسي مجموعات إثنية من الأكراد والتركمان واليزيديين والآشوريين. وقد عانت هذه الأقليات التعريب القسري لعقود في ظل حكم حزب البعث.

وبعد الإطاحة بصدام حسين من قبل الغزو الأمريكي للعراق، استمرت الاشتباكات المتفرقة في المنطقة التي احتلتها داعش عام 2014. ساد عدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان في ذلك الوقت، أكثرها شهرة كانت الإبادة الجماعية لليزيديين.

اليوم، ما زالت الكثير من مناطق شمال العراق منطقة متنازع عليها، حيث تسيطر حكومة إقليم كردستان على أجزاء من المنطقة فيما تتنازع الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان على أجزاء كثيرة. يُعَد الوصول إلى وسائل الإعلام أمرًا صعبًا للغاية، كما أن المشهد الإعلامي المحلي مجزأ بشكل لا يصدَّق، حيث يقرأ معظم الناس في كل مجتمعٍ الأخبار، التي غالبًا ما تكون نسخًا متحيزة وغير كاملة من الأخبار، بلغتهم الأم فقط.

يُعتبَر موقع كركوك ناو، وهو شريك للمؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية، استثناءً بارزًا في هذا المشهد الإعلامي. فهو يعمل منذ عام 2011، ويعتمد نهج نقل الأخبار بلغات متعدّدة لبناء حوار بين المجتمعات ضمن المناطق المتنازع عليها.

KirkukNow3

انطلاقة حافلة بالتحديات

يتذكر سلام: "في البداية، كانت الأمور صعبة للغاية، إذ كان من الصعب العثور على صحفيين أكفّاء على اتصال بالمجتمعات المختلفة، واتهمنا الجميع من كافة الأطراف بالتحيّز لصالح مجموعة إثنية أو أخرى".

اليوم، وبعد 11 عامًا على تأسيس الموقع، يعمل في كركوك ناو 10 أشخاص من مجموعات إثنية مختلفة، بالإضافة إلى شبكة واسعة من المراسلين في جميع أنحاء العراق. لقد تمكّنوا من بناء سمعة طيبة كمصدر موثوق وحيادي للأخبار المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، وتتواصل معهم وسائل إعلام أجنبية كثيرة بانتظام لفهم الوضع في شمال العراق بشكل أفضل.

توجّب على الفريق التعامل مع مواقف معقدة للغاية على مر السنين، حيث سيطرت داعش، في ذروة توسّعها، على 70 في المائة من الأراضي التي يعمل فيها كركوك ناو. ويتذكر سلام قائلاً: "في ذلك الوقت، طلبنا من العديد من صحفيينا المقيمين في المناطق التي احتلها داعش البقاء آمنين وعدم العمل". أصرّ الكثيرون على مواصلة العمل لأنهم شعروا أنه من واجبهم نقل الأخبار من المناطق المحتلة.

 

KirkukNow4

بلدٌ خطيرٌ على الصحفيين

حتى اليوم، مع رحيل داعش منذ مدة طويلة، يُعَد العراق بلدًا خطيرًا على الصحفيين، إذ احتل المرتبة 172 من أصل 180 بالنسبة إلى مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود، وقد قُتِل 22 صحفيًا في العراق منذ سنة 2003، ولم يُحاسب أي شخص على وفاتهم.

موقع كركوك ناو مسجّل كوسيلة إعلامية بحيث تسمح كل من الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان للصحفيين بالعمل في جميع أنحاء المنطقة. كما يستثمر الفريق الوقت في إقامة علاقات طيبة مع السلطات المحلية، "إلا مع المتطرفين لأنّ ذلك ببساطة غير ممكن" على حدّ قول سلام.

تعليقًا على التحديات التي يواجهها الصحفيون في العراق، أشار سلام إلى أنه على الرغم من أنّ "حرية الصحافة مكرّسة في الدستور العراقي، إلا أن الحكومة عمليًا ليس لديها رؤية حقيقية. فهي لا تفهم دور الصحافة وسبب أهميته بالنسبة للمجتمع، خاصة بالنسبة لتلك الفئات المهمشة والتي لا يمكن سماع صوتها".

لهذا السبب يقدّم كركوك ناو تغطية واسعة عن الفئات المحرومة، من الأقليات الدينية والإثنية وصولاً إلى النساء.

يضيف سلام "اليوم، المحتوى الموضوعي الجيد حول الأقليات في العراق نادر جدًا. فغالبًا ما يتم الحديث عن الأقليات على أنها مصدر مشاكل، بينما نحن نتحدّث عنها كأشخاص. فنكتب محتوى واقعيًا وعالي الجودة لمواجهة المعلومات المضلّلة والمعلومات المغلوطة المتعلقة بهم."

KirkukNow2

نموذج حائز على جوائز تقلّده وسائل الإعلام المحلية الأخرى

يؤكّد سلام أن كركوك ناو يتعاطى مع الصحافة على أنها أداة لتحقيق السلام والديمقراطية. "دائمًا ما ترى أطراف النزاع الإعلام على أنه عدو في زمن الحرب. فهذه الأطراف بحاجة إلى الدعاية وليس الجودة، لأنها تزدهر على المعلومات المضلّلة، ولا تريد أن يعرف المجتمع المحلي الحقيقة. لهذا السبب، من المهم أن تعطي الصحافة صوتًا للمجتمعات المهمّشة."

لا شك أنّ هذه الرؤية تؤتي ثمارها. فقد فاز كركوك ناو عام 2020 بجائزة من إنترنيوز (Internews) عن أفضل تغطية لقضايا حقوق المرأة في العراق، كما حاز العام الماضي على جائزة من محطة إذاعية محلية والصندوق الوطني للديمقراطية لأفضل صحافة حقوقية في المنطقة، وذلك بعد نشره مقالتان إحداهما عن القصّة المروّعة لطفل أجبر على القتال في صفوف داعش، والثانية عبارة عن تقرير عن حرية التعبير ومحاكمة الصحفيين في كردستان العراق.

هذا ويمهّد كركوك ناو الطريق أمام المؤسسات الإعلامية المحلية الأخرى لتغطية مواضيع كانت في السابق لا تتناقل تقريبًا. وقد أخبرت الكثير من وسائل الإعلام المحلية الأخرى سلام أن كركوك ناو أعطاهم الشجاعة للكتابة عن قضايا الأقليات والنساء.

سلام وفريق كركوك ناو مسرورون بالتقدّم المحرز حتى الآن، غير أنهم ملتزمون بمواصلة الضغط من أجل التغيير. "نحن نريد تزويد المواطنين العراقيين بتقارير إخبارية عالية الجودة حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستقبلهم، والانتخابات، وجميع القضايا التي يتعيّن على بلدنا مواجهتها".

يعكس هذا المقال آراء الجهة الحائزة على منحة ولا يمثل بالضرورة الرأي الرسمي للمؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية أو المفوضية الأوروبية أو أي دولة أوروبية أخرى أو مساهم آخر في المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية.