توحيد قوى المجتمع المدني بهدف تحقيق التحوّل في أوكرانيا

يسلّط الفيلم الوثائقي بعنوان "التحوّل" الضوء على تاريخ ناشطي المجتمع المدني في أوكرانيا والدور الحيوي الذي تضطلعون به في زمن الحرب هذا.

Photo Credits: Anne Dovie and EACCD

تحدّث ماسكيم تشيركاشين إلى المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية والحماس باينٌ على وجهه. فكان قد توجّه إلى بروكسل لحضور العرض الرئيسي الأول لفيلم "التحول" الوثائقي الذي شارك في إنتاجه بالتعاون مع ماريا باشكوفسكا والذي يسلّط الضوء على عمل المجتمع المدني الأوكراني خلال السنوات العشر الماضية والدور الحيوي الذي يلعبه الناشطون اليوم. لقد سمحت له الرحلة التي استغرقت يومين برّاً من منزله في مدينة ترنوبل في غرب أوكرانيا بقضاء وقت قيّم مع عائلته التي افترق عنها لمدة ستة أشهر طويلة. وكان ابنه الصغير يلعب بلعبته الجديد وهي عبارة عن سيارة إلى جانبنا عند إجراء الحديث.

يرأس تشيركاشين مركز التحليل التربوي للتنمية المجتمعيّة، وهو منظمة غير حكومية في مدينة ترنوبل وصاحبة فكرة الفيلم.

يقدّم الوثائقي لمحة عن عمل خمسة ناشطين أوكرانيين بارزين — وجميعهم من شركاء المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية —  من كافة المناطق، وهم منصّة "الأوكرانيون" من مدينة لفوف، ومنظمة "غرين ليف" أو الورقة الخضراء بالعربية من أوديسا، ومركز التحليل التربوي للتنمية المجتمعيّة من ترنوبل، و"آفاق التغيير" من مدينة تشيركاسي، و"منظمة عموم أوكرانيا للميدان." يتحدّث الناشطون لمدة 40 دقيقة عن تجاربهم الشخصيّة في ما يتعلّق بقوة المجتمع المدني وتنظيمه وتماسكه وشجاعته. إن الوثائقي متوفر باللغتين الإنجليزية والأوكرانية.

 تحويل أوكرانيا

يوضح تشيركاشين إن ظروف الحرب والنزوح الجماعي إلى المناطق الغربية ومنها ترنوبل، ولقاءاته مع النشطاء من كافة أنحاء أوكرانيا، كانت جميعها مصدر إلهام لاعداد الوثائقي.

وقال، "لقد التقيت بالعديد من المنظمات الديناميكية الرائعة من المناطق الشرقية لأوكرانيا، مما لفت انتباهي. في حين يركز هؤلاء النشطاء على مجالات تختلف عن المجالات التي نركز عليها نحن، إلا أننا متّحدون جميعاً في  اتّباع منهج مشترك ومن خلال رغبتنا الواحدة في حل المشاكل التي تواجه بلدنا. إننا مبدعون وأذكياء ونعمل كفريق واحد. يحوّل عملنا منظماتنا، تماماً كما يحوّل بلدنا ومجتمعنا نحو الأفضل."

في الوقت الذي اجتمع فيه النشطاء المدنيون من كافة أنحاء أوكرانيا وتضامنوا بشكل لم يسبق له مثيل من أجل دعم بعضهم البعض والمجتمع من حولهم، اعتبر تشيركاشين الفيلم الوثائقي وسيلة لإظهار قيمة هذه الناشطية وتوثيقها.

كما أشار إلى أهميّة الفيلم الوثائقي بالنسبة لمستقبل أوكرانيا الديمقراطي. وتابع قائلاً إنه "بات الجميع يدرك اليوم أهمية جهودنا التي يلمسونها في كل مكان حولهم. ولكن في وقت السلم، اقتصرت الناشطية المدنية على نسبة ضئيلة من الأوكرانيين. إننا بحاجة إلى التفكير في كيفية حماية المجتمع المدني وتطويره بعد انتهاء الحرب. إننا بحاجة إلى تعزيز شبكتنا، لامتلاك الأدوات الضرورية لمواصلة بناء أوكرانيا الديمقراطية عندما تنتهي الحرب. ندرك جميعاً أن العمل سيزداد صعوبة عندها."

أوضح إن النسخة الإنجليزية من الفيلم الوثائقي تستهدف تثقيف الجماهير الدولية بدور الناشطية في أوكرانيا. "بنينا معاً مجتمعاً مدنياً قوياً يدافع اليوم عن بلدنا في أشد أوقات الحاجة. لدينا جيش من المواطنين الذين يدعمون بعضهم البعض. يتمّعون بالتنظيم والحماسة."

الدور الرئيسي للمجتمع المدني في أوكرانيا اليوم وفي مرحلة ما بعد الحرب

بدأ مركز التحليل التربوي للتنمية المجتمعيّة بالفعل بالتواصل مع منظمات المجتمع المدني المحلية والحكومة المحلية حول الدور المستقبلي للمجتمع المدني في مرحلة ما بعد الحرب. ولفت تشيركاشين إلى دعمه للبيان الرسمي للمجتمع المدني الأوكراني أي إعلان لوغانو الذي تم إطلاقه في مؤتمر تعافي أوكرانيا في سويسرا في شهر حزيران\ يونيو والذي يحدد الدور الرئيسي الذي يتعيّن على المجتمع المدني أن يلعبه في عملية إعادة إعمار أوكرانيا في فترة بعد الحرب.

بدأ المركز ورئيسه فعلاً بإرساء أسس هذا الدور الذي يُعتبر استمرارية طبيعية لعملهما قبل اندلاع الحرب.

تعاون مركز التحليل التربوي للتنمية المجتمعيّة، الذي تأسس في عام 2016، مع النشطاء والسلطات المحلية في ست مقاطعات غرب أوكرانيا في إطار تنفيذ الإصلاحات نحو اللامركزية في أوكرانيا والتي منحت السلطات المحلية المزيد من الصلاحيات. وبفضل المنحة التي قدّمتها المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية، تمكّن المركز من مساعدة النشطاء والمجتمعات المدنية المحلية على تنظيم أنفسهم وبناء قدراتهم حتى يتمكنوا من العمل بشكل أوثق مع المسؤولين في الحكومة المحلية والمشاركة في صنع القرار على المستوى المحلي.

كما ساهم تشيركاشين في تعزيز دور الثقافة في مجال الديمقراطية، وتحديداً حفل "فاين ميستو" الموسيقي السنوي الذي يجذب الشباب من كافة أنحاء البلد.

التحديات التي ستطال فترة ما بعد الحرب

وتعليقاً على التحديات التي ستواجهها أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، أوضح إن المشكلة الأكبر التي ستواجهها أوكرانيا تكمن في الفساد في عملية إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب. وأشار إلى ضرورة اعتماد آليات مكافحة الفساد على كافة مستويات المجتمع وإلى الدور الحاسم الذي يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعبه في ضمان مساءلة الحكومة وشفافيتها.

وقال إن "أوكرانيا في قلب الجميع اليوم. إننا بحاجة إلى حماية سمعتنا الطيبة. إذا نجحنا في القضاء على الفساد، يمكن حينها لأوكرانيا أن تصبح لاعباً رئيسياً على الصعيد العالمي. يطوق شعبنا لا، يكون له مستقبل ديمقراطي."

كما توجّه إلى الجمهور الدولي قائلاً، "إننا بحاجة إلى المساعدة الدولية، وليس إلى شفقتكم. لا نريدكم أن تشعروا بالشفقة علينا لأننا في حال حرب. إننا أقوياء. ولكننا نحتاج إلى دعمكم."

 إن الآراء المُعبّر عنها في هذا المقال تعكس آراء المستفيد من المنحة المذكورة ولا تمثّل بالضرورة الرأي الرسمي للمؤسسة الأوروبية من أجل ديمقراطية أو المفوضية الأوروبية أو أي دولة أوروبية أخرى أو أي مساهم آخر في المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية.