نداء نصار و"بلدنا"
24 February 2021جمعية شبابية عربية تعمل على تمكين الشباب
منذ العام 2001، تعمل بلدنا على تميكن الشباب الفلسطيني العربي في إسرائيل لمساعدتهم على تحقيق إمكانياتهم.

بلدنا منظمة مركزها حيفا تعمل مع الشباب الفلسطيني العربي في إسرائيل لمساعدتهم على تحقيق إمكانياتهم. وقع الاختيار على كلمة "بلدنا" (التي تدل على الانتماء المحلي والشعور بالملكية) عن قصد لتسمية هذه الجمعية الفريدة من نوعها.
تعمل هذه المنظمة التي أنشئت عام 2001، في وقتٍ لم تكن فيه أي منظمة غير حكومية وطنية تعمل مع الشباب العربي، وحازت على جوائز عدة على تمكين الشباب الفلسطينيين عبر إتاحة الفرصة لهم لكي يطوّروا أفكارهم ويدركوا مسؤولياتهم باعتبارهم القادة المستقبليين لمجتمعهم. من أهم مبادئ المنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة بين الجنسين.
تشجيع الشباب على أداء دورٍ فاعلٍ في المجتمع
تشرح مديرة "بلدنا"، نداء نصار، أنّ المجتمعات العربية في إسرائيل تواجه تحديات كثيرة أقلها سوء التمثيل والتنظيم السياسي وغياب الخدمات والسياسات التطويرية في النواحي العربية. وتبرز صعوبة الوضع بشكل خاص بالنسبة للشباب.
وهي تضيف بهذا الخصوص "هؤلاء يولَدون في إطار إسرائيلي، وهذا الأمر الوحيد الذي يعرفونه. لذا يعتبرون الواقع الذي يعيشونه واقعاً طبيعيًا ويتشرّبون عقدة الدونية."
تعمل المنظمة على تسييس الشباب ما يعني بالنسبة لبلدنا مساعدة هؤلاء على التفكّر في حياتهم الخاصة والتحديات العامة التي يواجهونها ضمن المجتمع الفلسطيني العربي في إسرائيل.
وتقول نصار "نريد من الشباب أن يربطوا تحدياتهم الشخصية بالإطار السياسي الأوسع وأن نساعدهم على الدفاع عن حقوقهم كفلسطينيين عرب في إسرائيل. الديمقراطية الحقيقية هي السبيل الوحيد لحماية حقوقكم. إذا لم تدافعوا عن حقوقكم، يصبح الواقع الذي تعيشون فيه وضعًا طبيعيًا."
تعلّم "بلدنا" الشباب كيفية الجهر برأيهم والتعبير عن نفسهم بحرية، وتجعلهم يدركون المخاطر التي يواجهها الفلسطينيون العرب المقيمون في إسرائيل والفاعلون في الفضاء السياسي.
يركّز فريق "بلدنا" على تعزيز القيم الديمقراطية التقدّمية كما يشجّع الشباب الذين يعملون معه على التعامل مع الإطار السياسي الفلسطيني من منظارهم الخاص.
تقول نصار "نحن نؤمن بالمساواة والحرية وتساوي الفرص والاحترام للجميع. نؤمن أنّ النظر من عدسة حقوق الإنسان والديمقراطية هو طريقة للتقدّم في كفاحنا كفلسطينيين. هذا سبيل بنّاء ومنطقي للعمل ومواجهة واقعنا."
مبادرة مرتكزة على المجتمع
تشرح نصار أنّ الشباب هم في قلب "بلدنا"، إذ يتواصل الفريق مع الشباب، وغالبيتهم من المراهقين، لأجل مشاريع محتملة حول مواضيع مثل الجريمة أو العنف باستخدام السلاح أو حرية التعبير، لكن في النهاية، الشباب هم من يقّررون على ماذا سيكون التركيز.
من أكثر مبادرات المنظمة نجاحًا كانت دراسة عن العنف باستخدام السلاح بين الشباب الذين يشكّلون اليوم 50% من جميع ضحايا إطلاق النار. على حد تعبير نصار "الجميع يريد القضاء على الجرائم غير أنّ المجتمع مغلوب على أمره ويخشى التصرّف. بلدنا تستجيب لذلك عبر العمل مع الشباب المنخرط والوصول إلى جذور المشكلة. ندعهم يتحدّثون عن هذه المسألة الصعبة. نحاول أن نفهم كيف تختلف القضايا من قرية إلى أخرى. ننظر إلى قصص المتأثرين بهذه القضايا وإلى قصص من هم متورّطين في عصابات إجرامية لكي نفهم بشكل كامل التحديات القائمة."
باعتبار "بلدنا" منظمة تعمل من أسفل لأعلى، الشباب هم من يفهمون الأولويات ويعدّون النشاطات لمعالجة المشاكل التي يواجهها مجتمعهم. ما تفعله بلدنا هو فقط تقديم الهيكلية والتدريب والدعم الفني لجعل ذلك ممكنًا. وتشرح نصار "الناس يريدون القيام ببعض الأمور لكنهم لا يعرفون كيف. لذا نحن نمكّنهم من التصرّف." وتضيف "الإطار السياسي والاجتماعي الواسع واضح بالنسبة لنا، كما أننا نعي التحديات الأساسي التي تجابه الشباب. للأسف، الإحصائيات والدراسات حول الشباب العربي بشكل عام التي يمكن أن تعطينا صورة أوضح عن مشاكلهم الحقيقية قليلة."
"حينما نبدأ العمل مع الشباب، نحرص على أن يكون لدينا فهم مشترك ومعمّق لحاجاتهم وأولوياتهم وعلى الاستماع لأفكارهم. وهذه عملية تحويلية لا عملية ترتكز على الأنشطة ومعروفة النتائج." وتقر نصار أنّ هذه مقاربة لا يفهمها ويؤيدها جميع المانحين لذا "لا يسعني سوى أن أكون ممتنة للمؤسسة الأوروبية الديمقراطية التي تدعم هذه الاستراتيجية كونها جهة مانحة مرنة."
النسوية كجزءٍ من المجتمع
تشرح نصار أنّ مشاريع "بلدنا" تنتهج مقاربة تراعي الجانب الجنساني عند التعاطي مع مجموعة واسعة من المواضيع. وهي تقر أن ذلك يمكن أن يصعب شرحه للجهات المانحة الدولية. "نحاول عرض فكرة أننا قادرين أن نكون منظمة نسائية من دون أن نعمل حصريًا مع النساء."
تفضّل "بلدنا" اعتماد صورة أوسع. "يجب أن تكون النسوية موجودة في كافة مبادرات العدالة الاجتماعية. فنحن نرى أن دور النساء يتوسّع ليشمل مجالات غير تلك التي تُعتبَر تقليديًا من قضايا النساء، لأننا نعتبر أنّ النساء يجب أن يلعبن دورًا فاعلًا رياديًا في جميع جوانب مجتمعنا. بالنسبة لنا، النسوية ليست مبادرة منفصلة بحد ذاتها بل هي في قلب المجتمع وموجودة في كل مبادرة. لا ينبغي إذَا أن تنصر في مشاريع تسعى بشكل خاص إلى تلبية حاجات النساء مثل مبادرات مكافحة العنف ضد المرأة. هذه الأنشطة، على الرغم من أهميتها، ليست الوحيدة التي تحتاج إلى عدسة نسائية.
العمل مع المجتمع لأجل المجتمع هو طريقة "بلدنا" في بناء مستقبل جديد للفلسطينيين العرب في إسرائيل.
تؤمن نصار أنّه لا بد من تحوّل في الطريقة التي يُنظَر فيها إلى الكثير من المشاريع التنموية. وهي تشرح "نعتمد في بلدنا مقاربة شمولية، إذ نسعى إلى إجراء تحويل شامل في المجتمع حيث المجموعات المتأثرة تحدّد أولوياتها وتبني عملياتها وأطرها الخاصة من أجل حل مشاكلها الأصلية. بالمقابل، تفضّل مؤسسات دولية كثيرة دعم تقديم الخدمات الذي، على الرغم من أهميته في بعض السياقات، لا ينجح في تغيير الوضع القائم بشكل مستدام. وتركّز مؤسسات أخرى على النتائج المحدّدة مسبقًا، الأمر الذي يقوّض عملية صنع القرارات على مستوى القاعدة."
في السياق الفلسطيني، تعتقد نصار أنّ الأطر السياسية الرسمية في حالة جمود من هنا "الحاجة الواضحة إلى الاستثمار في النشاط المدني على مستوى القاعدة الشعبية من أجل بناء قدرة المجتمع على الصمود وتنظيم المجتمع. وهذا يمكن أن يضمن تحولًا في المقاربة على المستوى الرسمي ما يمكن بدوره أن يحدث تغييرًا حقيقيًا على المدى الطويل."