معازف – المجلّة الموسيقية الأولى التي تتوجّه للشباب العربي
منذ إنشائها بعد الثورة العربية عام 2011، أصبحت مجلة معازف الموسيقية المورد الأساسي لمئات الآلاف من محبي الموسيقى في العالم العربي. تستخدم المجلة، بفضل فريق متواجد في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط، الموسيقى للتطرّق إلى مواضيع حسّاسة، من قضايا مجتمع الميم وصولاً حتى التعصّب الديني.

في إطار مقابلتها مع فريق مجلة معازف الإلكترونية، تحدّثت المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية مع كل من معن بو طالب الذي تحدّث من لندن ومريم النزهي التي تحدّثت من شقّتها في القاهرة.
نعم، هذه هي حال فريق المجلة الموسيقية الإلكترونية الأولى في العالم العربي. فمنذ تأسيسها خلال الأشهر الأولى من بداية الربيع العربي في العام 2011، وفريق التحرير والصحفيين العاملين لحساب المجلّة هم موزّعين حول العالم، من عمان إلى تونس، فالقاهرة، وبيروت، ولندن، يكتبون وينشرون محتوى شيّق ينتظره بكل لهفة مئات الآلاف من محبي الموسيقى المتحدّثين باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أزمة فيروس الكورونا المستجد لم تغيّر في شيء طريقة العمل التي تعتمدها المجلّة.
يحدّثنا أبو طالب المولود في الأردن بأنه وسواه من مؤسسي مجلّة معازف كانوا وعلى مدى سنين يفكّرون بتأسيس مجلة موسيقية للعالم العربي، فأتت ثورة العام 2011 عليهم كـ"صفعة في الوجه" حوّلت الفكرة إلى مشروع. الموسيقى كان لها موقعها الكبير في الربيع العربي، فالثورة التونسية مثلا استعانت بموسيقى الراب لتنظيم أغانيها، فيما بزغت في مختلف أرجاء المنطقة ما يصفه أبو طالب بالموسيقى السياسية الجديدة مثيرة للاهتمام.
وإزاء موجة الموسيقى الجديدة هذه، لم ينوجد من هو قادر على كتابة المقالات البيّنة، فالصحفيين افتقروا عمومًا للمعرفة والمهارات اللازمة لكتابة ما هو مفيد، وعندما حاولوا أن يكتبوا شيئًا، جلّ ما تحدّثوا به هو النص المرافق للموسيقى الذي يبكي الشعب العربي الضحية.
الوقوف في وجه الخزعبلات القائمة يحقّ الموسيقى العربية
يفيدنا أبو طالب بأنّ "الصحافة لم تتحدّث عن الابداع الموجود في هذه الموسيقى الجديدة. الموسيقى العربية موجودةٌ منذ زمن، ولكن نلاحظ أنّ الحديث عن تاريخ الموسيقى العربية في الصحافة ينحصر إجمالاً بعددٍ من الأفكار النمطية المحدودة – فإما الحديث يكون عن العصر الذهبي للموسيقى العربية وإما عن موت الموسيقى العربية التقليدية. أما نحن فقد أردنا أن نواجه هذه الأفكار وأن نذهب إلى ما هو أبعد منها. خذ مثلا الموسيقى الشعبية التي انبثقت عن الطبقة العاملة في مصر، نلاحظ أنّ هذه الموسيقى هي مستهجنة لدواعٍ أخلاقية. نحن أردنا أن نوجِد منصّةً تحلّل بمنطقٍ وعقل الموسيقى التي تعبّر عن حياة الفئات الشابة، فنناقش مثلا نجاحاتها وإخفاقاتها".
ويتابع أبو طالب ليقول "كان يهمّنا أن نوجد أسلوبًا جديدًا لمقاربة موضوع الموسيقى، أردنا أن نكتب بلغة الشباب العربي وليس بلغة الأهل ولا بلغة الغرب، وشئنا أن نجمع فريقًا من الكتاب الشباب العرب ممن لديه نظرة ومقاربة جديدة للموضوع".
خلال السنوات الماضية، أصبحت مجلّة معازف الإلكترونية معروفة بتغطيتها الحالة الموسيقية القائمة في أوساط الشباب العرب وكذلك بمعالجتها المواضيع التي تهمّ الشباب، من سياسةٍ، واقتصاد، وهوية جندرية، ومثلية جنسية، وغيرها من المواضيع الاجتماعية، من باب الموسيقى. يقدّم موقع معازف تقارير مطوّلة، وكذلك مقالات مختصرة حول الألبومات وآخر الإصدارات، ويتناول مختلف الأنواع الموسيقية الرائجة في الوقت الحاضر، من موسيقى "الإلكترو الشعبي" و"مزيكا المهرجانات"، إلى مشهدية موسيقى التراب في فلسطين، ويزوره وصفحاته الموجودة على منصًات التواصل الاجتماعي حوالى 350,000 شاب وشابة من منطقة الشرق الأوسط وما بعده كل شهر.
التطرّق إلى مسائل مثيرة للجدل
يفيدنا أبو طالب بأنّ نجاح المجلّة الإلكترونية يعزى بشكلٍ كبير إلى استعدادها لتناول المسائل المسيرة للجدل فالمجلّة هي من المنصّات القليلة التي انتقدت الحظر التي فرضته الحكومة الأدرنية على حفلٍ للفرقة اللبنانية المشهورة "مشروع ليلى" التي يعيش المغني الرئيسي فيها مثيلته الجنسية علانيةً.
كما نشرت المجلة مؤخرًا ضمن مقالاتها الرئيسية مقالاً يتناول ما يسمّى بموسيقى الأناشيد الجهادية. يقول بو طالب إنّ صحفيي المجلة شاؤوا أن يغوصوا بشكل أكبر في شؤون هذه الموسيقى وأن يذهبوا إلى ما هو أبعد من مجرّد الإدانة التي نراها في المواد الصحفية عامةً، وأضاف "أردنا أن نفهم منشأ هذه الموسيقى والأسباب التي تدعو الناس إلى الاستماع لهذا النوع من الموسيقى. أردنا أن نحلّلها لنرى إن من علاقةٍ تربطها بالدين الاسلامي وكيف حصل أن اعتمدتها المجموعات الارهابية والدولة الاسلامية".
وضمن إطار هذا التقرير، جمع فريق العمل أبرز الأغاني الجهادية المعروفة ووزّعها على خمسة مؤلفين موسيقيين مشهورين طلبوها لوضع ردودٍ موسيقية عليها، وبنتيجته، نشر الفريق شريطًا ببعض الأغاني الجهادية المعروفة ولكن بصيغة جديدة حيث مثلا تم تبديل نص إحدى الإغاني الجهادية التي تروي قصة مهمةٍ انتحارية جهادية إلى قصةٍ وداع لصديق أو حبيب.
ومن التقارير المثيرة للجدل التي صدرت مؤخرًا تقرير "موسيقى الله" الذي تناول فيه صحفيو الموقع العلاقة التي تجمع الدين الاسلامي وتلاوة القرآن بالموسيقى. تسبّب التقرير بفورة غضبٍ عارمة لدى صدوره، فنبّهت السلطات المصرية و السعودية محرّري المجلة إلى ضرورة التزام حدود اختصاصهم والكتابة عن الموسيقى فقط، وتعرّض الموقع لهجومٍ إلكتروني بعد فترة وجيزة من نشر التقرير.
التعاون مع منصّة "بويلر روم" الإلكترونية الموسيقية
تفيدنا النزهي التي تُعرِّف عن نفسها بأنها مدير تطوير الأعمال في مجلة معازف، تفيدنا بأن التعاون الذي حصل في العام 2019 مع منصّة "بويلر روم" الإلكترونية الموسيقية على إثر شريط الفيديو الذي يتناول مشهدية موسيقى التراب في مدينة رام الله هو الذي استقطب جمهورًا عالميًا أكبر لموقع معازف.
هو شريط فيديو تم انتاجه في العام 2018 يوثّق في 30 دقيقة مشهدية موسيقى الهيب هوب، والتراب، والتكنو القائمة في فلسطين والتي وبنتيجة القيود السياسية الموجودة تسعى لأن تبني جسورًا بين الفلسطينيين من خلال إيجاد نغمةٍ مشتركة وهويةٍ مشتركة. مغنى الراب الفلسطيني شب جديد، 23 عام، هو اليوم واحد من أكبر نجوم هذه الحركة الموسيقية وقد استقطب مقالٌ يسرد مقابلة تمّت معه مؤخرًا ما يزيد عن 114 ألف مشاهدة.
مؤخرًا، وسّعت مجلة معازف نطاق أعمالها فدخلت مجال تنظيم الحفلات الموسيقية في الشرق الأوسط ونظّمت جولة موسيقية في المنطقة لمغني الراب الفلسطيني الشهير سايفر المعادي الذي استقطب شريطه ما يزيد عن ثلاثة مليون مشاهدة.
تفيدنا النزهي بأن المعادي يتعبر أن هويّته ليس لها شيء في تحديد موسيقاه، وتقول: "هو مغني راب كأب مغني راب آخر، دخل صناعة الموسيقى من أجل الموسيقى والفن، وليس من أجل السياسة أو أية غاية انقلابية في نفسه. الاعلام العربي يتحدّث عن الفنانين الفلسطينيين بلغة المقاومة الثقافية، أما المعادي فيتحدّث في موسيقاه عن الحياة اليومية في رام الله ويمارس الفن من أجل الفن".
مدرسة لتدرس أصول الصحافة الموسيقية للصحفيين الشباب
أيقن أبو طالب وزملائه، منذ انطلاقة مجلة معازف، بأنّ قلّة من الصحفيين يملكون المهارات اللازمة للكتابة عن مشهدية الموسيقية العربية المعاصرة، عليه، كان القرار في العام 2013 بأن ينشؤوا مدرسة لتعليم أصول كتابة المواضيع الموسيقية وتدريب الصحافيين الموسيقيين الشباب على هذه الأصول.
المدرسة تفتح اليوم أبوابها للشباب من مختلف دول الشرق الأوسط وتقدّم حصصها عبر الإنترنت ضمن برنامجٍ دراسي يمتد على مدى شهرين. تتألف الدفعة الواحدة من حوالي 12 طالب، ممن أثبت شغفه بالموسيقى، ويتمتع بحب الاستطلاع، ويمتلك الغة العربية المكتوبة. تفضّل المدرسة من ليس لديه خبرة صحفية سابقة.
المنهج الدراسي هو بشكل عام منهج متغيّر يتغذّى من التطوّرات التي تطرأ على المشهدية الموسيقية، ويركّز على تعليم أصول الكتابة وعلى طرق معالجة المواضيع السياسية والمجتمعية الحساسة من باب الموسيقى. وعند انتهاء البرنامج الدراسي، تختار مجلة معازف اثنين أو ثلاثة من أبرز الطلاب الواعدين لكتابة وتحرير المواد لحساب المجلة.
أثّرت أزمة فيروس الكورونا المستجد على الخطط التي وضعتها المجلّة للمستقبل القريب حيث كانت المجلة تأمل بأن تفتتح مكتبًا جديدًا لها في تونس خلال العام، وبأن تنظّم عددًا من المهرجانات والمؤتمرات الموسيقية في المنطقة، ولكن كل هذه المشاريع باتت اليوم معلّقة حتى إشعارٍ آخر.
تعتبر النزهي أنّ هذا التوسّع في أنشطة المجلّة سيساعد المجلة على تحقيق طموحها بالاستقلال عن الجهات المانحة خلال العامين المقبلين. المجلة تبحث اليوم عن شركات راعية لمنتجات تعتزم إصدارها في الامد القريب، كما ولقد قرّرت المجلة، وبعد أن رأت أن عدد متابعي قناة المجلة على موقع يوتيوب هو على تزايد يومًا بعد يوم، قررت أن تطلق محطة إذاعية جديدة في المستقبل القريب لاستقطاب أعداد أكبر من القراء إلى الموقع الإلكتروني على أمل تحقيق استفادة مادية من هذه الحركة على الموقع.
العمل الصحفي الذي تقوم به مجلة معازف ما زال هو هو في ظل ازمة فيروس الكورونا المستجد حيث يواصل فريق المجلة العمل عن بعد لانتاج محتوى عالية الجودة لمجمل قرّاء المجلة.